وليد أبو ظهر

ولد وليد أبو ظهر، في صيدا بلبنان عام 1938، حيث عاش طفولة بائسة بعد أن فقد والده وهو فى سن السابعة , وفاة الأب قلبت حياته رأسا على عقب واضطر في نهاية المطاف لبدء العمل في سن مبكرة لمساعدة أسرته.

تميز وليد أبو ظهر بطيبة القلب وكان ذلك معروفاً للذين أحاطوا به والتفوا حوله بسبب طبيعته الودوده وكرمه الزائد , تحمل وليد قدراً كبيراً من مسؤولية عشيرة أبو ظهر . وبعد أن أنهى دراسته ,اتجه للعمل فى “المحرر” وهى الصحيفة التي أسسها شقيقه هشام, وهناك أتقن مهارات مهنته المختارة, وبات بارعاً بها , وفاز به عالم الصحافة.

في عام 1973 , عرفت الأحزان طريقها لحياته مرة أخرى عندما خطف الموت شقيقه هشام وهو فى ريعان شبابه. فوجد نفسه مسئولا عن إدارة الصحيفة. حملت فترة قيادته الأولى للصحيفة الكثير من التحديات والمخاطر , حيث كان لبنان غارقاً في خضم اضطرابات مدنية خطيرة، أسفرت في نهاية المطاف عن قصف وتدمير مبنى الصحيفة ومكاتبها ؛ قتل بالهجوم مدير التحرير، نايف شبلاق . ولأنه لم يعد قادرا على محاربة الأسلحة الثقيلة بالكلمات، فقد أرغم أبو ظهر على المنفى.

بعد عبور قصير في لندن، وصل إلى باريس في عام 1976. فى العاصمة الفرنسية ، كان صحافيا من دون وسيلة للتعبير، لذلك عمل على إنشائها بنفسه . ونتيجة لذلك، أصبحت الوطن العربي، التي أطلقت في شباط / فبراير 1977، أول مجلة باللغة العربية يتم تحريرها ونشرها من أوروبا وأضحت رائدة “الصحافة العربية المهاجرة”. واجه المشروع شكوكا من الأصدقاء والصحفيين العرب . فقد كان التعامل مع جمهور عربي من بلد أوروبي يبدو غريبا، ولكن اتضح فيما بعد أن هذا الأمر سيكون نقطة القوة الرئيسية بالمجلة .

وقد أسست من خلال استقلاليتها و حريتها في التعبير لمرحلة جديدة في تاريخ الصحافة العربية. اتسع جمهور “الوطن العربي” أسبوعا تلو الآخر, حتى أصبحت أوسع المجلات العربية انتشاراً في المنطقة. وعلى الرغم من التهديدات المستمرة، واصلت الوطن العربي النشر بنفس النغمة والأسلوب، واحتفظت لنفسها بمكانة رائدة بين المنشورات السياسية الأخرى التي ظهرت في أوروبا والدول العربية.

وبعيدا عن الرقابة , وسط مناخ الحرية فى باريس ، اتخذ أبو ظهر القلم سلاحاً مرة أخرى. وقد أثارت شجاعته إعجاب الكثيرين كذلك موقفه أيضا من تهديدات النظام السوري والذي تجلى بوضوح في سلسلة من محاولات الاغتيال؛ كان أخطرها في نيسان / أبريل 1982 بمكتبه الكائن فى شارع ” ماربيوف” بباريس حيث انفجرت سيارة مفخخة. ورغم محاولات الاغتيال المتكررة فقد واصلت المجلة النشر دون انقطاع.

محاولات الاغتيال زادت من شغف أبو ظهر بالصحافة. وأفضت إلى التزامه بالتوسع من مجلة واحدة هى الوطن العربى إلى مجموعة كاملة من المطبوعات أصدرها بالتعاون مع أولاده الأربعة.

وفى عام 2004 وافته المنية بالقاهرة ,وكان أبو ظهر يقسم وقته بين باريس والعاصمة المصرية والتى كان قد نقل جزءا من عملياته إليها منذ عام 1992. كانت حياة وليد أبو ظهر أبعد ما تكون عن المعتاد، والإنجازات التي حققتها الوطن العربي كثيرة للغاية، لكن حقيقة إن هذا الصحفي الاستثنائي كان هدية ومنحة لا يمكن إنكارها . فلم يكتف بجمع المعلومات والحقائق وكتابتها فقط ولكنه من خلال تحليلها كان قادرا على التنبؤ بالأحداث الجيوسياسية الكبرى في الشرق الأوسط. وهذا هو السبب في أن الوطن العربي مثل سابقتها المحرر،فقد أصبحت صوت التحذير من التغيرات الجيوسياسية الحرجة في المنطقة , وواحدة من وسائل الإعلام الأكثر احتراما في العالم العربي. وكان القراء جنبا إلى جنب مع المسؤولين يكنون له احتراماً عميقاً .

الجماعة الصحفية في العالم العربي، اعترفت بالإجماع بفقدان عضو شجاع وملتزم، ألهمه التفاني من أجل حرية الصحافة الكثير. واليوم , العديد من الصحفيين البارزين في وسائل الإعلام العربية قد اكتسبوا خطوطهم وسياستهم التحريرية إما من